24 - خاص
في واحدة من أهم العواصم الثقافية في العالم، برلين، المدينة التي تتنفس الثقافة، وتعيشها بشكل يومي، حطت لأول مرة أكبر بعثة فنية إماراتية رحالها.
أكثر من خمسين عملاً فنياً معاصراً، لخمسين فناناً إماراتياً، من مختلف الأجيال الإماراتية، في واحدة من أكثر صالات العرض الثقافية أهمية في برلين "مي كولكترز".. بحضور نحو الثلاثين فناناً منهم
مسجلين بذلك أكبر بصمة ثقافية إماراتية في واحدة من أهم المهرجانات الدولية، "أسبوع الفن في برلين"، الموعد الثقافي الذي تقيمه المدينة كل خريف، والذي يحولها إلى حديقة عالمية مفتوحة للفن، جاذبة الفنانين من كل بقاع الأرض.
هذه التظاهرة الثقافية الإماراتية، التي نظمتها مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، برعاية وزير الثقافة والشباب وتنمية المعرفة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، بين الثالث العشر والسابع عشر من سبتمبر، تحت عنوان "إمارات الرؤى"، سجلت الاختراق الأهم للأفكار المسبقة، راسمة الذهول على وجوه الحاضرين، وفي الإعلام الألماني المرئي والإذاعي والمكتوب الذي تحدث عن جرأة هذه الأعمال وعن نسبة النساء بين الفنانين..
حفل افتتاح حضره نخبة من الفنانين ومن جامعي اللوحات والصحافة، وورشات عمل فنية، ورشة فنية للإماراتية عزة القبيسي علّمت فيها أطفال من المدارس الألمانية، على كتابة حرف الضاد، على قمصان حملوها إلى بيوتهم كذكرى، وبينهم أطفال عرب ولدوا في ألمانيا أو وصلوها حديثاً، ذكرتهم بلغتهم وهويتهم الأولى، التي يجدر بهم الفخر بها وحملها، لأنها هي أيضاً حاملة للثقافة وقادرة على إنتاجها..
وورشة أخرى للفنانة الإماراتية سارة العقروبي عملت فيها مع أطفال آخرين على تشكيل ورود صحراء مزينة برمال حملتها من كل شواطئ الإمارات، أخبرتهم من خلالها عن الإمارات، وعن بلاد مفتوحة على العالم، وعلى محيط يجمع كل البشر وكل الجنسيات، عالم لا خوف فيه من الآخر، ولا مكان فيه للكراهية..
وفي القاعة نفسها، وعلى خلفية الأعمال الإماراتية، حفل فني للفائز بجائزة التأليف ضمن "مسابقة تيلنيوس مونك الدولية للجاز" المرموقة، العام الماضي، طارق يماني، مع مقطوعات من ألبومه "إيقاعات خليجية على أنغام الجاز"، الذي أنتجه بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون..
وفي الختام، حوار أجرته الإعلامية الألمانية الشهيرة والمخرجة المتخصصة بالأفلام الوثائقية، نيكولا غراييف، Nicola Graef، مع هدى كانو، مؤسسة مجموعة الثقافة والفنون هدى كانو.. حوار عكس البصمة التي تركها المعرض، والأسئلة التي أثارها بجدية عن المناخ الثقافي في الإمارات، المرتبط بحركة فنية حقيقية وبعمل جاد، وبجيل جديد مفتوح على التجارب الفنية، حركة فنية تجعل افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، جزء من مشروع أكبر ومناخ ثقافي حقيقي تعيشه الإمارات، وليس مجرد مشروع منفصل عن الواقع، مشروع تصنعه بحق مع شبابها وقاطنيها، ليكون رداً على كل المشاريع الظلامية التي شوهت المنطقة وصورة العرب والمسلمين.
مشروع لم ينس تكريم حامله الأول، وهو الشيخ زايد، الذي ظللت روحه المعرض، وكانت مفتتحاً له إلى جانب خريطة كبيرة للإمارات، خريطة مجازية جعلت حدود الإمارات، بكل الجنسيات والثقافات التي تجمعها، أرحب وأكبر من حدودها الجغرافية.
هنا الإمارات، هنا الثقافة، قالها فنانو الإمارات في برلين، وحققوا أجمل الرسائل عن بلادهم الواسعة بروحها وبتسامحها.